فقر الدم (الأنيميا) مرض منتشر في الأردن حيث يشمل 1 من 5 من الأشخاص. الأعراض التي نشعر بها من الأنيميا تنتج بسبب المبدأ التالي: جسم الإنسان يحتاج إلى الهيموغلوبين الطبيعي في كرات الدم الحمراء لنقل الأكسيجين إلى جميع الخلايا و بكفاءة عالية. فأي مرض يصيب كرات الدم الحمراء أو الهيموغلوبين سيؤدي إلى نقص وصول الأكسيجين إلى الخلايا وهو النتيجة النهائية للأنيميا. هذا الاحساس بنقص الأكسيجين يؤدى إلى مجموعة من الأعراض الجسمانية و هى: سرعة التعب، الإعياء، الإرهاق من أي عملٍ صغير، قلة التركيز و ضعف في الذاكرة، صداع، ضيق في النفس، شحوب في الوجه، الإحساس غير العادي بالبرودة و قد يصاحب ذلك اكتئاب نفسى، و زيادة في تسارع ضربات القلب مما يؤدي في النهاية إلى هبوط في القلب. فكما نعلم أن الكمية الطبيعية للهيموغلوبين عند الرجل هي من 14-18 غم/10 مل بينما عند النساء فهي 12-16 غم/10 مل. و عدد خلايا كرات الدم الحمراء يكون حوالي خمسة ملايين لكل 1 ملم. أعراض الأنيميا قد تكون مختلفة من إنسان إلى آخر اعتماداً على ثلاثة عوامل رئيسية. العامل الأول: هو كمية الهيموغلوبين في الدم فكلما قلت هذه النسبة، كما زادت هذه الأعراض. العامل الثاني: هو سرعة نقص كمية الهيموغلوبين في الدم. ففي الحالات التي ينقص فيها الهيموغلوبين بسرعة كبيرة تنتج الأعراض خلال دقائق مثل حالات تكسر الدم المفاجئ أو النزيف الحاد. أما في حالات النقص التدريجي كما يحدث في حالات نقص الحديد نتيجة لسوء التغذية أو النزيف القليل المتكرر فقد تكون نسبة الهيموغلوبين أقل من 50% من الطبيعي و مع ذلك لا يشعر الإنسان بأية أعراض. العامل الثالث: هو وجود أمراض متلازمة أخرى مثل ضعف في القلب، فشل كلوي أو ورم سرطاني في الجسم و التي من شأنها أن تسرع في ظهور أعراض الأنيميا.
أما أسباب الأنيميا فهي تتلخص في الأسباب الرئيسية التالية: 1) إما في نقص كمية الهيموغلوبين 2) أو وجود أنواع من الهيموغلوبين غير فعالة بنقل الأكسجين في الدم، 3) أو نتيجة نقص عدد كرات الدم الحمراء.
نقص كمية الهيموغلوبين، و الذى ينتج عن أحد الأسباب التالية: 1) قلة الحديد الموجود في الجسم: الحديد هو العنصر الرئيسي في تكون الهيموغلوبين فإن قل الحديد، قلت نسبة الهيموغلوبين المنتج. هذا السبب من أهم أسباب الأنيميا و يحصل عادةً في خُمس النساء، و يزداد في النساء الحوامل ليصل إلى حوالي نصف النساء، و يقل في الرجال إلى حوالي 5%. الحديد موجود في كرات الدم الحمراء و عادة ما يعاد استغلاله بواسطة الجسم مرة أخرى عند موت الخلايا الحمراء الحاملة له، و يعاد استعماله بإنتاج خلايا حمراء جديدة أخرى. و لكن هذا الحديد قد ينقص عند تعرض المرأة لنزيف شديد في الدورة الشهرية أو يحصل نزيف في جسم المريض. و هو ناتج إما عن قلة الحديد في الأكل أو لقلة امتصاص الحديد في الجسم أو لزيادة فقدان الحديد عن طريق النزيف المتكرر مثل النزيف المتكرر في الدورة الشهرية عند النساء أو مثل النزيف المزمن من البواسير، أو نتيجة وجود ورم سرطاني في القولون. و يشخص مثل هذا النوع بالنظر إلى شريحة دم المريض تحت المجهر. حيث تبدو كرات الدم الحمراء أصغر من الحجم الطبيعي و بها نسبة الهيموغلوبين أقل. و يؤكد وجوده قياسه مخبرياً لكمية الحديد الحر و الحديد المخزن في الجسم. 2) قلة مواد أولية لصنع الهيموغلوبين في الدم و هذا يكون بقلة مادة حمض الفوليك و فيتامين ب12 وينتج عنها” الأنيميا الخبيثة”. فكما هو معروف أن حمض الفوليك و فيتامين ب 12 له أهمية كبيرة في صنع كرات الدم الحمراء و باقي كرات الدم في الجسم. فنقص مثل هذه المادة لا يؤثر فقط على الكرات الحمراء بل يؤثر كذلك على الكرات البيضاء و الصفائح الدموية و اللتان تقلان نسبتهما في الدم في حال نقص كمية الفيتامين في الدم. و السبب الرئيسي لنقص مثل هاتين المادتين هو إما نقص في الأكل و هذا عادة يكون عند الناس سيئ التغذية أو في نقص امتصاص الأغذية و يكون عادةً لوجود التهابات في الأمعاء أو ضمور فيها، كما يسبب ذلك مرض كرونز و مرض سيلياك و الذين يصيبان الأمعاء الرفيعة. أو وجود طفيليات في الأمعاء خاصة في الأولاد الصغار. و يستدل على هذا الخلل عادةً من فحص شريحة الدم حيث أن كرات الدم الحمراء تكون أكبر من حجمها الطبيعي مع وجود الكمية الطبيعية للهيموغلوبين (حيث أن هاتين المادتين لا تؤثران على إنتاج الهيموغلوبين) و يكون هناك نقص في عدد جميع خلايا الدم (الكرات الحمراء و البيضاء و الصفائح الدموية) 3) أمراض الكلى: حيث أن الكلية تحتوى على هرمون يسمى “ارثيروبيوتن” و هو مهم جداً لتحفيز بناء كرات الدم الحمراء و الهيموغلوبين. ففي حالات مرض الكلى يقل هذا الهرمون و يصاب الإنسان بالأنيميا. و يشخص عادةً هذا المرض بدراسة شريحة الدم حيث أن حجم كرات الدم الحمراء يكون طبيعي و لكن يكون عدد كرات الدم الحمراء هو القليل.
أما اعتلالات الهيموغلوبين فتكون نتيجة وجود خلل وراثي في تكوين الهيموغلوبين. فيتكون أنواع من الهيموغلوبين غير قادرة على حمل الأكسجين بنفس كفاءة الهيموغلوبين الطبيعي. من أشهر هذه الإعتلالات هو مرض الثاليسيميا ومرض الأنيميا المنجلية. في كلا المرضين لا يستطيع الهيموغلوبين نقل الأكسيجين بكفاءة. و لعدم توافق الأكسجين مع كرات الدم الحمراء الحاملة له يؤدي بالتالي إلى زيادة تكسر الكرات الحمراء و بالتالي تؤدي إلى الأنيميا. وتشخص مثل هذه الاعتلالات بعمل فحص مخبري لأنواع الهيموغلوبين في الدم حيث يفصل الهيموغلوبين الى أجزائه الرئيسية و من هنا يمكن التعرف إن كان هناك اعتلالا أم لا.
-أما الأسباب التي تؤدى إلى نقص الكرات الدم الحمراء فأما لزيادة سرعة تكسرها و تؤدي إلى الموت السريع لها، أو لقلة إنتاجها في الجسم. زيادة تكسر كرات الدم الحمراء بكمية أكثر من القدرة الإنتاجية و يكون ذلك نتيجة وجود مضادات في الدم تهاجمها أو نتيجة زيادة حجم الطحال أو لوجود أدوية معينة. و تمسي “الأنيميا المتحللة” و يصاب المريض بهذا المرض بصفار في الوجه و الجلد و العينين و قد يتغير لون بوله. أو لوجود أنواع غير متلائمة من الهيموغلوبين و التي يؤدي تأكسدها (إرتباطها بالأكسجين) إلى اضطرابات في الجدار الخارجي للكرات الحمراء. قلة انتاج كرات الدم الحمراء نتيجة لفشل النخاع العظمي أو نتيجة وجود أمراض مزمنة مثل الفشل الكلوي أو نتيجة وجود خلل في إنتاج أنواع من الكرات الحمراء غير قابلة للعيش نتيجة خلل في الكروموسومات.
الحماية: معظم الأنواع ممكن الوقاية منها بزيادة أخذ الحديد أو الفيتامينات المناسبة إن كان هناك نقص و لكن يجب معالجة السبب وراء هذا النقص. أما ان كان هناك أمراض مزمنة مثل أمراض الكلى فإننا نعطى المريض مادة “أرثيروبيوتن”. و عادةً تزول الأنيميا بزوال السبب أما في حالات اعتلالات الهيموغلوبين فإن المريض ينصح بعمل زراعة للنخاع العظمي إن كان من الحلات الشديدة أو أخذ دم على فترات مختلفة إن كان من الحالات الأقل شدة.
مما يتبين أن الفحوصات المخبرية للأنيميا تكشف في معظم الأحيان الأسباب وراء هذا النقص مما يكون له أكبر الأثر في المعالجة السريعة و الحثيثة.