الدكتور حسام أبو فرسخ
البورد الأمريكى فى تشخيص الأمراض
مع بدء موسم الربيع والذى يتميز بجماله, يصاب بعض الناس بحساسية ثقيلة قوية تقلب عليهم جمال هذا الفصل الى فصل مرض وتعب. هذه الحساسية تمنع حوالى 25% من أبناء الأردن من التمتع بجمال الربيع الأخاذ. فهل يمكن التغلب على الحساسية أو على الأقل التقليل من ثقلها؟ فماهى حساسية الربيع؟ وماهى الحساسية العامة؟ وكيف تتكون؟ وماهى أعراضها؟.
حساسية الربيع هى الحساسية التى تحصل فى فصل الربيع وتكون نتيجة لبدء تفتح الأزهار. وتشمل الحساسية بعض أو كل الأعراض التالية: الرشح،التعب، الارهاق ، الحرارة ، السعال (عادة ماتكون سعلة جافة) ،الصداع ،العطس المتكرر والاحساس بالتهاب الحلق والتهاب الأذن الوسطى (يكون على شكل آلام فى الأذن) وانعدام الاحساس بالرائحة واحتقان الأنف وقد يلحق ذلك رائحة كريهة للفم. وقد يصاحب ذلك حكة مستمرة فى الجلد بالاضافةالى ظهور طفح جلدى. وقد تكون الحساسية قوية بحيث تؤدى الى ضيق فى التنفس مع صفيرعند الزفير. والسبب الرئيسى لحساسية الربيع هى حبوب اللقاح المنبعث من الأشجار والأعشاب, وتفتح زهور الثمار والأشجار وخاصة أزهار شجرة الزيتون والتى تمثل أكبر سبب فى الأردن لحساسية الربيع. فان كانت حساسية الربيع تشمل فصل الربيع خاصة، فان بعض الأشخاص يعانون من الحساسية فى باقى فصول السنة وهى الحساسية العامة. والسبب الرئيسى يكون فى ان مسبب الحساسية عندهم لايكون مرتبط بفصل الربيع بل موجود فى فصولا أخرى مثل الشتاء كالحساسية من الطحالب والاعشاب المرتبطة مع البرك والمستنقعات وعفن البيوت الناتج عن فطريات مختلفة. وعادة ماتكون لوجود حساسية لأمور أخرى بالاضافة الى زهور الأشجار المنتشرة فى الربيع.. كما أن الحساسية العامة قد تشمل حساسية للقشر الجلدى الناتج عن بعض الحيوانات (مثل القط والحصان والكلب). وكذلك لغبار البيت والناتج عن حيوانات مجهرية تختبئ فى السجاد والموكيت والأغطية الصوفية والمخدات.
تتكون الحساسية عندما يتفاعل جهاز المناعة عندنا بطريقة غير طبيعية لمواد يتعرف عليها الجسم بأنها أجسام غريبة ويجب رفضها. حيث أن هذه الأجسام تكون مواد من المضادات الطبيعية من النوع E والتى ترتبط بخلايا المناعة والمسماة ” خلايا ماست”. هذه الخلايا تكون مليئة بمواد أشهرها مادة “الهيستامين” والتى من شأنها ان خرجت من داخل الخلية إلى تفعيل مجموعة من التفاعلات السريعة ومنها توسع مفاجئ للأوعية والشرايين الدموية وخروج السوائل منها وكثرة إفراز مواد تؤدى إلى زيادة مواد الالتهابات والتى تؤدى أيضا الى تقلص مفاجئ للعضلات المحيطة بالقصبات الهوائية مما يؤدى إلى تضيقها بدرجة كبيرة يعانى المريض منها من ضيق فى النفس مع صوت صفير عند الزفير. كما أن المواد المفرزة من “خلايا ماست” تؤدى إلى إثارة الشعيرات والخلايا في الأنف مما يِؤدى إلى زيادة الإفرازات (وتظهر على شكل رشح) وزيادة العطس لكون الجسم يتعرف على انه يجب أن يرفضها ويعمل إلى اطردها إلى الخارج. ونفس هذه المواد المفرزة من “خلايا ماست” تؤدى إلى ظهور طفح فى الجلد وزيادة فى الحكة لإثارتها المستقبلات الحسية فى الجلد. و هذه الخلايا إذا أفرزت فى الجهاز الهضمى قد تؤدى إلى زيادة فى حركة الأمعاء وقلة امتصاص الأكل فتؤدى الى الإسهال المتكرر مع ألام شديدة فى الأمعاء. وقد يشخص مثل هؤلاء المرضى بأنهم يعانون من القولون العصبى أو من أمراض نفسية، مع أنهم يعانون فى الحقيقة من حساسية لبعض الأكلات. فيعطى المريض العلاج الخاطئ والذى لايؤدى الى شفاء المريض بل الى تفافم مشكلته.
من نتائج التحسس الربيعى ان يتكون لحميات داخل الأنف مما يجعلها تعيق التنفس الطبيعى كما أنها تؤدى الى الشخير عند النوم.
أن الأنف عضو فعال جدا فى حبس المواد الملوثة المنتشرة فى الهواء بواسطة الشعر الموجود فى الأنف. ولكن طول احتباس المواد الملوثة فى الأنف يؤدى الى تركيز موادها الكيمائية فى الأنف واحتقان الأنف وبالتالى إلى انسداد الجيوب الأنفية ومن ثم التهابها. ويمتص الجسم هذه المواد الكيميائية المحتبسة بالأنف مما يؤدى الى سريانها فى الدم. ونتائج أيض بعض هذه المواد يكون أكثر ضررا من المادة الأصلية وتكون أكثر قابلية لتكوين مضادات للحساسية. ولذلك ينصح بشدة بكثرة الاستنشاق و استذفار الأنف بالمياه عدة مرات فى اليوم لغسيل فتحات الأنف من بواقى المواد السامة المستنشقة. بالإضافة الى تجنب الأماكن التى تكثر فيها حبوب اللقاح أو المواد الملوثة. كما ينصح بأخذ الفيتامينات والتى تساعد على منع سرعة التخلص من المواد السامة فى الجسم.
وللتعرف على أسباب الحساسية فانه ينصح بشدة بعمل فحوصات مخبرية للدم. وتقسم فحوصات الحساسية إلى ثلاثة أنواع. النوع الأول( فحوصات الدم للمواد المستنشقة): وتشمل فحص المواد التالية: فحص غبار البيت وهى عبارة عن حشرات مجهرية تعيش فى السجاد والموكيت والمخدات، فحص حساسية أزهار الربيع مثل زهر الزيتون والبلوط وأشجارأخرى مخضرة، فحص لقشرات جلد حيوانات مثل الكلب والقطة والحصان , فحص حبوب اللقاح، فحص الحشرات الزاحفة مثل الصراصير، فحص الطحالب المحيطة بالبرك، فحص الفطريات المختلفة التى توجد فى المزارع والجو، وفحص حساسية العفن المنتشر بالبيوت. النوع الثانى (فحوصات حساسية الطعام) وتشمل فحص المواد التالية: صفار البيض وبياض البيض، الحليب، خميرة الخبز، طحين القمح وطحين الشعير، الرز، الفول السودانى وزيوته، المكسرات بمختلف أنواعها وزيوتها، التفاح، الكيوي ،المشمش، البطاطا ،البندورة والجزر والبقدونس. النوع الثالث(فحوصات الدم لحساسية الجلد(اكزيما): وتشمل فحوصات الفواكه والبيض والحليب والطحين والزيوت المختلفة, والمكسرات..
أما علاج الحساسية فيبدأ بالتعرف على المواد التى تسبب هذه الحساسية. فقد تفشل كل طرق العلاج اذا لم يتم التعرف على سبب الحساسية. فأولها أن يتم نزع مسببات الحساسية من المحيط حولنا. فان كان شخص ما مثلا مصاب بحساسية أزهار الزيتون والتى تظهر فى فصل الربيع وهى المسبب الرئيسى لحساسية الربيع عندنا فى الأردن فى أكثر الاحصائيات، فينصح بشدة بقلع أشجار الزيتون من المنطقة المحيطة بالمريض (ان أمكن) أو يتحول المريض الى مناطق أخرى فى سكنه بعيدا عن أشجار الزيتون. اما اذا كان لا يمكن الابتعاد عن مثل هذه الأماكن فينصح بارتداء الكمامة خارج البيت. وتستمر هذه الحساسية من أشحار الزيتون حتى تذوب الأزهار وتستبدل بالثمر. وتستمر هذه المدة من شهر ونصف الى شهرين وعادة ماتبدأ من نصف شهر ابريل (نيسان) الى نهاية شهر مايو (أيار) كل سنة.
ويجب ألا ننسى دائما فى طور بحثنا عن سبب الحساسية ألا ننسى الأدوية التى يتناولها المرضى حيث أن ألأدوية بمفردها تشكل أكبر سبب للحساسية.
أما الأدوية المستعملة. فهى كالتالى. أولا: ينصح باستعمال بخاخ الكورتيزون للأنف. فذلك يحفف كثيرا من العطس واحتقان الأنف والرشح. وكذلك ينصح باستعمال بخاخ الكورتيزن للفم لحساسية الصدر والأزمة الصدرية . ثانيا: استعمال مضادات “الهيستمامين” وهى المواد التى تفرزها “خلايا ماست” . ثالثا: استعمال أدوية توسع القصبات الهوائية مثل منشطات “بيتا” والتى من شأنها العمل على توسيع مجرى القصبات الهوائية وبذلك يزول الإحساس بضيق النفس والصفير والسعال. رابعا: أما فى الحالات المستعصية و الشديدة فينصح باستعمال الكوريتزون اما عن طريق الفم أو بالابر. ويستعمل الكورتيزون عادة لكسر حلقة الحساسية فى جسم المريض واعادته الى وضعه الطبيعى. خامسا: كما أن هناك مجموعة فعالة من الأدوية الجديدة المناوئة للحساسية والتى تعمل على ايقاف اصدار مواد من خلايا “ماست” أو انها تقفل عمل المواد المفزرة.
مما تقدم يتبين لنا أن علاج الحساسية يكمن فى البداية على التعرف على سبب الحساسية ومن ثم تجنبه مما يؤدى إلى تخفيف الأثار الجانبية لها. فان لم يمكن فعل ذلك نلجأ الى الأدوية المختلفة حسب شدة الحساسية والأعراض الناتجة عنها. وكل ذلك يجب أن يتم تحت إشراف الطبيب.
صورة لذراع بها بقع حمراء ناتجة عن حساسية الطعام
حشرة غبار البيت مكبرة مائة ألف مرة وتعيش فى المخدات والموكيت