ان التعرف على سبب قصر الطفل مهم جدا لتصحيح مثل هذا القصر. لكن هذا التصحيح يجب أين يكون قبل فترة البلوغ ليؤدى أفضل نتائجه. وقد يستغرب القارىء أن كثيرا من هذه الأسباب قد تكون موجودة عند اناس يعتقد أهلهم أنهم طبيعين كما قد يستغرب القارىء عندما يعلم أن هناك علاجا لكثير من هذه الأسباب. فالطول المتوقع لأى طفل يكون بحساب طول الأم + طول الأب والقسمة على اثنين مع اضافة أو نقص لحد 6.5 سم لهذا المعدل. والعوامل الفسيولوجية للطول تتلخص فى ان الغدة النخامية تفرز هرمون النمو والذى بدوره ينشط الكبد ليفرز عدة هرمونات أشهرها هرمون IGF. والتى بدورها تنشط العظام لتقوم بتطويل جسم الانسان.

ان طول جسم الانسان يتحكم فيه عدة عوامل. فقصر الطول يكون اما لوجود وراثة جينية لذلك أو لوجود نقص فى الغدة النخامية (افراز هرمون النمو) أو هرمونات الغدة الدرقية أو هرمونات المتأثرة بالغدة النخامية مثل هرمون (IGF) ، أو جود التهابات وأمراض مزمنة ، أو لوجود فشل كلوى، أو لوجود مشاكل فى امتصاص المواد والفيتامينات. فكيف نعرف ماهو السبب؟

1-      الفحص الجسمى : ان كان الولد به نقص فى افراز الغدة النخامية فانه قد يكون أقل ذكاء او أن علامات الذكورة أو الانوثة لم تظهر عليه أو عليها بعد. ولهؤلاء نقوم بفحوصات الغدة النخامية المختلفة وتحديد ماهية السبب. ثم نبدأ باعطاء المريض الهرمون الناقص.

2-      فحص الكرموسومات: بعض أنواع نقص الكرموسومات قد تظهر أن الطفل أو الطفلة طبيعيا ولكنه فى الحقيقة يعانى من نقص فى الكرموسومات. فمثلا مرض “تيرنر” والذى يصيب النساء، يكون عادة نتيجة نقص فى كرموسوم X وتكون البنت قصيرة ولاتأتيها الدورة الشهرية لعدم وجود رحم أو مبايض لديها. ولكنها من الشكل الخارجى قد تظهر لغير المتفحص أنها طبييعة. كما أنه فى “مرض المنغولى”، اذا كان تغيير الكرموسومات طفيفا، قد يكون علامات المرض غير ظاهرة بسهوله وبالتالى يكون الولد قصيرا. والدلالات التى تعطينا أن هناك خلل كرموسومى هو وجود بعض الدلالات فى وجه المريض أو فى أطرافه كوجود مثلا أذنان نازلتان عن مستواهما الطبيعى فى الوجه أولوجود تغير فى جفون العين لما يشبه الصينيين. أو لتغيرات فى الأنف أو غير ذلك من تغيرات الوجه. ففحص الكرموسومات يفسر حوالى 5% من أسباب القصر الغير مبرر.

3-      فحص هرمونات الغدة الدرقية: حيث أن النقص فى هرمون الغدة الدرقية قد يصيب حديثى الولادة كما أنه قد يصيب الأطفال. كما أنه قد يصيب الكبار. ولكل سن ومرحله أسبابها الخاصة بها. ولكن يبقى العلاج واحد وهو اعطاء المريض هرمون الثيروكسين الناقص لديه. ويجب أن يعطى المريض هذا الهرمون قبل سن البلوغ ليتم تصحيح قصر الطفل. ويلاحظ على مثل هؤلاء الأطفال أنهم كسالى وبطيئو التعلم.

4-      أمراض فى العظم: نقص الكالسيوم فى العظام قد يؤدى الى القصر. وأسباب تقص الكالسيوم قد تكون اما لوجود مشكلة عند الطفل فى عدم امتصاص الكالسيوم وذلك عادة مايكون لأمراض فى الأمعاء وأشهرها ” مرض تحسس القمح” والذى يعانى المريض منه بالقصر وانتفاخ البطن وفقر دم وكسل وتعب لأقل مجهود مع امكانية وجود اسهال وذو رائحة كريهة للبراز. ويشخص مثل هذا المريض بعمل فحوصات الدم اللازمة لذلك. فان تبين لنا وجود حساسية للقمح يكون العلاج بالابتعاد عن مواد القمح المسببة لذلك مما يؤدى الى اعادة الأمعاء الى وضعها الطبيعى واعادة قدرتها على الامتصاص. وقد يكون نقص الكالسيوم لقلة التغذية و هذا نادر. أو قد يكون لعدم تعرض الطفل الى الشمس أو لنقص هرمون الغدة الجار درقية. ويكون عادة اما لوجود مضاد مناعى فى الغدة الجار درقية يمنعها من العمل بكفاءة أو لفقدان مثل هذه الغدة فى جسم الطفل كما هو حاصل فى مرض “دى جورج” وفى هذا المرض عادة ما تكثر الالتهابات البكتيرية فى جسمه.

5-      الالتحام المبكر لعظام اليد والرجل. هناك بعض الأسباب تؤدى الى التحام قبل سن البلوغ لعظام اليدين والرجلين وعادة ياكون هذا السبب نتيجة وجود ورم اما فى المبيض أو فى الخصية عند الأطفال أو لوجوخلل أيضى فى الغدة فوق الكظرية. وقد يصاحب مثل هذا المرض زيادة فى الشعورة عند النساء أو ظهور الشعورة عند الطفل فى سن مبكرة. ولذلك ينصح أيضا بعمل صورة اشعاعية لليد لتقدير السن للطفل ان كان أقل أو أكبر من سنه الحقيقية.

6-      عوامل وراثية. فاذا كان أحد أو كلا الوالدين قصيرا فان طول الأولاد عادة يتحدد بهما ويحسب طول الولد المتوقع بمتوسط طول الوالدين +/- 6.5 سم . فأغلب الاحتمال أن يخرج الأطفال قصيرين. وفى هذه الحالة تكون فحوصات الهمرمونات عند الطفل طبيعية كلها .

فماهو الحل لمثل هذه الأعراض. أولا ينصح باللجوء الى الطبيب فى حالة تبين ان الطفل يعانى من قصر فى الطول. ويجب أن يكون ذلك قبل سن البلوغ بسنتين الى ثلاث سنوات. وبعد الحديث مع الطبيب وسرد جميع السيرة المرضية للمريض وفحص المريض، يتم له اجراء فحوصات الهرمونات المختلفة وفحوصات الكرموسومات. فان وجدنا نقصا فى أيا منها، صحح الخلل وبدأ الطفل فى النمو الطبيعى. ويجب أن يشمل الفحص : فحص حساسية القمح، الكالسيوم وفحوصات وظائف الكلية ووظائف الكبد.

ماذا لو أن جميع الفحوصات طبيعية وكان السبب هو نتيجة عامل وراثى .(لقصر الوالدين ) هل هناك من حل.؟ وهل يمكن أن يصبح الطفل أطول من المتوقع؟ الجواب نعم. فى مثل هذه الحالات نعطى الطفل مادة هرمون النمو لمدة تترواح من ستة أشهر الى سنة حسب احتياجات المريض. و أثبتتث الدراسات الكثيرة التى أجريت على كثير من الأطفال قبل سن البلوغ من الأطفال والذين لايعانون من نقص فى هرمونات النمو انه يمكن بإعطاء الطفل هذه الهرمونات قبل سن البلوغ بأن تؤتى ثمارها وتؤدى الى زيادة طول البنت من 3-4 سم عما كان متوقعا. وزيادة طول الولد من 4-6 سم. وتقول هذه الدراسات أن مثل هذه الأدوية ليست لها جوانب مضرة على نمو جسم الطفل فيما بعد ولكن المحذور الأكبر لمثل هذه الأبر أنها مكلفة ويجب أن تعطى الى الطفل كل يوم أو يوم بعد يوم لفترة حوالى 6 أشهر لتؤدى مفعولها. وتعطى هذه الابر تحت اشراف طبيب. وينصح المريض بأخذ الفيتامينات المختلفة والتى تساعد على زيادة فعاليه علاج قصر الطول.

 

مما تقدم يتبين لنا ان مع تقدم الطب أصبح قصر الطول فى كثير من الأحيان يمكن أن يعالج أو على أقل تقدير أن يعدل. فان كان هناك نقص أو خلل ما صلح هذا الخل , أما ان كان العامل الوراثى هو الأغلب فان هرمون الطول تساعد كثيرا فى هذا المجال ليصبح طول الولد أو البنت أطول بعض السنتمترات مما كان متوقعا له. وهذه السنتمترات وان كانت قليلة .

Similar Posts